responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 707
وَفِي الْآيَةِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ يَوْمئِذٍ لَيْسُوا جَدِيرِينَ بِالْإِمَامَةِ لِاتِّصَافِهِمْ بِأَنْوَاعٍ مِنَ الظُّلْمِ كَالشِّرْكِ وَتَحْرِيفِ الْكِتَابِ وَتَأْوِيلِهِ عَلَى حَسَبِ شَهَوَاتِهِمْ وَالِانْهِمَاكِ فِي الْمَعَاصِي حَتَّى إِذَا عَرَضُوا أَنْفُسَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَصْفِ عَلِمُوا انْطِبَاقَهُ عَلَيْهِمْ.
وَإِنَاطَةُ الْحُكْمِ بِوَصْفِ الظَّالِمِينَ إِيمَاءً إِلَى عِلَّةِ نَفْيِ أَنْ يَنَالَهُمْ عَهْدُ اللَّهِ فَيَفْهَمُ مِنَ الْعِلَّةِ أَنَّهُ إِذَا زَالَ وَصْفُ الظُّلْمِ نَالَهُمُ الْعَهْدُ.
وَفِي الْآيَةِ أَنَّ الْمُتَّصِفَ بِالْكَبِيرَةِ لَيْسَ مُسْتَحِقًّا لِإِسْنَادِ الْإِمَامَةِ إِلَيْهِ أَعَنَى سَائِرَ وِلَايَاتِ الْمُسْلِمِينَ: الْخِلَافَةُ وَالْإِمَارَةُ وَالْقَضَاءُ وَالْفَتْوَى وَرِوَايَةُ الْعَلَمِ وَإِمَامَةُ الصَّلَاةِ وَنَحْوَ ذَلِكَ. قَالَ فَخْرُ الدِّينِ: قَالَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ الْفَاسِقُ حَالَ فِسْقِهِ لَا يَجُوزُ عَقْدُ الْإِمَامَةِ لَهُ. وَفِي «تَفْسِيرِ ابْنِ عَرَفَةَ» تَسْلِيمُ ذَلِكَ. وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنِ الْمَازِرِيِّ وَالْقُرْطُبِيُّ عَنِ الْجُمْهُورِ إِذَا عُقِدَ لِلْإِمَامِ عَلَى وَجْهٍ صَحِيحٍ ثُمَّ فَسَقَ وَجَارَ فَإِنْ كَانَ فِسْقُهُ بِكُفْرٍ وَجَبَ خَلْعُهُ وَأَمَّا بِغَيْرِهِ مِنَ الْمَعَاصِي فَقَالَ الْخَوَارِجُ وَالْمُعْتَزِلَةُ وَبَعْضُ أَهْلِ السُّنَّةِ يَخْلَعُ وَقَالَ جُمْهُورُ أَهْلِ السُّنَّةِ لَا يُخْلَعُ بِالْفِسْقِ وَالظُّلْمِ وَتَعْطِيلِ الْحُدُودِ وَيَجِبُ وَعْظُهُ وَتَرْكُ طَاعَتِهِ فِيمَا لَا تَجِبُ فِيهِ طَاعَةٌ وَهَذَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى خَلْعِهِ فَإِنْ لَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِ إِلَّا بِفِتْنَةٍ وَحَرْبٍ فَاتَّفَقُوا عَلَى مَنْعِ الْقِيَامِ عَلَيْهِ وَأَنَّ الصَّبْرَ عَلَى جَوْرِهِ أَوْلَى مِنَ اسْتِبْدَالِ الْأَمْنِ بِالْخَوْفِ وَإِرَاقَةِ الدِّمَاءِ انطلاق أَيْدِي السُّفَهَاءِ وَالْفُسَّاقِ فِي الْأَرْضِ وَهَذَا حُكْمُ كُلِّ وِلَايَةٍ فِي قَوْلِ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ، وَمَا نُقِلَ عَن أبي حينفة مِنْ جَوَازِ كَوْنِ الْفَاسِقِ خَلِيفَةً وَعَدَمِ جَوَازِ كَوْنِهِ قَاضِيًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ الْجَصَّاصُ هُوَ خَطَأٌ فِي النَّقْلِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْعَشَرَةِ (عَهْدِي) بِفَتْحِ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ وَهُوَ وَجْهٌ مِنَ الْوُجُوهِ فِي يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ وَحَفْصٌ بِإِسْكَان الْيَاء.
[125]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 125]
وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125)
تَدَرُّجٌ فِي ذِكْرِ مَنْقَبَةِ إِبْرَاهِيمَ إِذْ جَعَلَ اللَّهُ بَيْتَهُ بِهَذِهِ الْفَضِيلَة. و (إِذْ) أَضَافَهَا إِلَى جَلَالَتِهِ فَقَالَ: (بَيْتِي) ، وَاسْتِهْلَالٌ لِفَضِيلَةِ الْقِبْلَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، فَالْوَاوُ عَاطِفَةٌ على ابْتَلى [الْبَقَرَة: 124] وَأُعِيدَتْ (إِذْ) لِلتَّنْبِيهِ عَلَى

اسم الکتاب : التحرير والتنوير المؤلف : ابن عاشور    الجزء : 1  صفحة : 707
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست